تونس 19 ديسمبر 2016 (وات)-أجمع المتدخلون في الندوة الدولية الملتئمة اليوم الاثنين بتونس، حول تركيز هيئة الوقاية من التعذيب، المتزامنة مع الذكرى السنوية لإعتماد البروتوكول الإختياري لإتفاقية مناهضة التعذيب، على أن إرساء الهيئة مكسب هام لتونس ستكون له نتائج إيجابية في إتجاه دعم منظومة حقوق الإنسان، وهو ما يتطلب توفير الدعم اللازم لها لتجاوز العوائق المادية والصعوبات التي تواجه عملها. وأكدت رئيسة الهيئة حميدة الدريدي، في هذا الصدد، ضرورة تعزيز التعاون مع الشركاء والمتدخلين في مجال مناهضة التعذيب، حتى تكون لهذه الهيئة نتائج إيجابية تؤسس لدولة القانون، خاصة وان تونس تعتبر الأولى عربيا والرابعة إفريقيا التي قامت بإنشاء هذه الهيئة العمومية والمستقلة وفق الالتزامات الدولية. وأفادت بأن إرساء آلية للوقاية من التعذيب في تونس، تندرج في إطار حرصها على القطع مع السياسة المنتهجة من قبل النظام السابق، مبينة أن المصادقة على جملة الاتفاقيات أدى إلى التنصيص على تجريم التعذيب في دستور 2014 ، وغير ذلك من الإجراءات القانونية على غرار سن قانون العدالة الإنتقالية. من جانبه، أبرز وزير العدل غازي الجريبي، ضرورة تجاوز العوائق المادية المرتبطة بعمل الهيئة، عبر رصد الإمكانيات البشرية والمادية اللازمة حتى تكون فاعلة ومؤثرة وليست مجرد هيئة صورية، مؤكدا التزام وزارته بدعم التوجه الذي ستسلكه الهيئة في مهامها، باعتبارها مكسبا لتونس ولدولة القانون ولجهاز العدالة والجميع معنيون بإنجازها وسيستفيدون من نجاحها. وصرح بأن وزارته تشترك مع الهيئة في الحرص على قضاء العقوبة في ظروف مقبولة، بعيدا عن سوء المعاملة، لضمان الحرمة الجسدية للمساجين، وضمان الأمن والانضباط داخل السجون، مذكرا بجملة النقاط الواردة بالدستور في هذا الإطار. أما وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الأنسان مهدي بن غربية، فقد أكد التزام الدولة بتركيز هذه الهيئة وحرص الحكومة على دعمها وتمويلها طبق ما ورد في الدستور، من خلال توفير المقر وبعض السيارات الوظيفية وبجزء من الميزانية سنة 2017 حتى تتمكن من الإنطلاق في مهامها، مبينا أن الوضعية المالية العمومية للبلاد صعبة وفرضت جملة من الإكراهات، من بينها عدم تمكين الهيئة من الميزانية التي حددتها (13.7مليون دينار). وشدد على أن الوقاية من التعذيب مسألة ضرورية وباتت سياسة دولة، لكن الإكراهات المالية جعلت المسألة تتطلب المزيد من الحوار مع الهيئة، لإيجاد حل وتمكينها من دعم يراعي الظروف المالية للبلاد من جهة ويسهل مأموريتها من جهة أخرى. من ناحيته، إعتبر الحبيب قوبعة مدير عام الحوكمة بوزارة الوظيفة العمومية والحوكمة، أن تأسيس الهيئة وتركيزها حدث هام وإضافة لمنظومة حقوق الإنسان في تونس ما بعد الثورة، التي أسست لنظام ديمقراطي تشاركي، داعيا الى ضرورة إلتفاف كافة القوى الناشطة في المجال إلى تقديم الدعم والمساعدة للهيئة لتذليل الصعوبات وتجاوز العراقيل التي تحول دون القيام بمهامها. وتطرق رئيس خلية حقوق الإنسان بوزارة الداخلية ماهر قدور، إلى جملة التدابير التي سعت الوزارة إلى تحقيقها للتأسيس لأمن جمهوري، والقطع مع بعض الممارسات للوقاية من التعذيب وسوء المعاملة، من خلال الغاء وحدة الإيقاف المركزي بالوزارة ،وفسح المجال للهيئات بزيارة مراكز الإحتفاظ، إضافة إلى المذكرات ومدونات السلوك التي تم وضعها لفائدة قوات الامن الداخلي لدمج فكر حقوق الإنسان في برامجها. أما عبد الوهاب الهاني عضو لجنة مناهضة التعذيب، فقد أفاد بأن تونس كانت سباقة في مجال مناهضة التعذيب منذ سنة 1953 ، أي قبل إعتماد مواثيق الأمم المتحدة، مذكرا بان أول شكوى تم رفعها ضد نظام الحماية والإستعمار سنة 1953 من قبل ممثل عن الإتحاد العام التونسي للشغل وربحت القضية، مؤكدا حرص الدولة منذ نشأتها على المصادقة على المواثيق الدولية في هذا المجال، بما جعلها تنال شرف ترؤس اللجنة الأممية لمناهضة التعذيب من قبل حسيب من عمار، الذي استقال منها سنة 1994 احتجاجا على ما يجري في البلاد أنذاك. وتضمنت الندوة التي تلتئم على مدى يومين (19 و20 ديسمبر)، جملة من المداخلات التي تعلقت أساسا بالدور الوقائي للجنة مناهضة التعذيب، وأهم التجارب المقارنة في المجال، إضافة إلى مسار إنشاء الهيئة. يذكر ان اعضاء الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، تم انتخابهم في شهر مارس 2016 وقاموا بأداء اليمين في شهر ماي من السنة نفسها. كما يشار إلى ان يوم 18 ديسمبر يوافق الذكرى السنوية لإعتماد البروتوكول الإختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية من قبل الأمم المتحدة. ليلى |