قربص 3 فيفري 2019 (وات)- /محمد توكابري/ تتخفى قربص مدينة الاستشفاء بالمياه الدافئة في خجل بين البحر و الجبال. جبال تحيط بها و تعانقها بلطف أحيانا وبغيرة عمياء أحيانا أخرى. تغار الجبال فتلقي حجارتها لتقيم حاجزا عسّر منذ عقدين الوصول اليها من جهة سليمان المريسة. انقطاع الطريق رغم عديد المحاولات لاصلاحها منذ 2006 زاد من متاعب المدينة التي تعيش من سياحة الاستشفاء بالمياه المعدنية بعد ان تراجع عدد زوارها الى بضعة آلاف في السنة، وأرغم سكانها وأجبر حرفاء المحطات الاستشفائية على قطع مسافة أطول بأكثر من 20 كلم للنفاذ اليها مرورا بدوالة من جهة تاكلسة. بدأت قربص المدينة الحالمة التي لا يتجاوز عدد سكانها ال400 تسترجع شيئا من بريقها بعد ان استقبلت في عطلة الشتاء شهر ديسمبر الفارط أكثر من 10 الاف زائر، تحدوا حالة الطريق وطولها، ليتوافدوا على محطاتها الاستشفائية بحثا عن دفء عيونها السبع (الصبية وكانسيرا وأقطر والعتروس والشفاء والعراقة )، ولينزلوا بين أهلها ضيوفا مبجلين، على أمل إنعاش تجارة يكاد اليأس يغرقها. التفاؤل يدأ يعود تدريجيا، فبعد أن خال أهالي قربص التي تبعد 60 كلم عن تونس العاصمة أن "إعادة فتح الطريق الاقرب اليها من جهة سليمان المريسة والتي لا تتجاز 5 كلم حلما لن يتحقق"، على حد قولهم، ها هي الاخبار السارة تتواتر على هذه المدينة الحالمة بعد أن اكدت مصادر مسؤولة من وزارة التجهيز والاسكان مؤخرا لمراسل وكالة تونس افريقيا للانباء بنابل خبر المصادقة على مشروع اعادة ربط الطريق الجهوية 128 بين عين اقطر وقربص متوقعة انطلاق الاشغال في شهر مارس القادم. هذه الاشغال ستمتد على 2 فاصل 5 كلم، بكلفة جملية قدرها 80 مليون دينار، وستسمح، لا فقط بفك العزلة على المتساكنين والتقليص من متاعبهم، بل وكذلك بإعطاء دفع جديد لقربص ولقطاع الاستشفاء بالمياه المعدنية الذي يشكلها هويتها وميزتها عن غيرها من المدن . مشروع ستتواصل أشغاله على مدى سنتين ونصف، سيتم خلالها انجاز أشغال كبرى لاعادة ربط الطريق 128 من عين أقطر إلى قربص، وإصلاح وتقوية الجزء الرابط بين قربص وعين الفكرون وعين العتروس على طول 2 كلم وحماية الطريق من سقوط الحجارة بسبب كثرة الانزلاقات والانهيارات الارضية. وسيتم، في ذات السياق، إنجاز حاجز بحري على طول 1100 متر، والقيام بأشغال تتريب وردم، واشغال دعم استقرار المنحدرات، واشغال حماية بحرية، واشغال تامين الحماية ضد انهيارات الكتل الحجرية، فضلا عن بناء منشات مائية لتصريف مياه الامطار وللتنوير العمومي. وفي انتظار اتمام هذه الاشغال هاهي قربص تتحدى شبه عزلتها في شموخ، وتتباهي بجمالها الاخاذ الذي يضاهي أو يفوق جمال مدن أخرى تونسية، وتدعو بإلحاح إلى زيارتها والتمتع بسحرها وبعيونها الدافئة. قربص مدينة حباها الله بطبيعة خلابة فريدة من نوعها تلتقي فيها الجبال بالغابة بالبحر بالمياه المعدنية الحارة. تحس عند زيارتها بالدفء يكتنفها من كل مكان بفضل عيونها التي تعرف من البخار الابيض المتعالي من ارحامها، ويزداد الدفء عندما تقبل عليها فلا تسمع وانت تمر في انهجها الضيقة، ومن امام محلات الجزارة و محلات الشواء التي تنبعث منها روائح شهية الا " تفضل تفضل مرحبا بكم في قربص" و " اش خير من صحين مشوي بعد الحمام" و "كعبات حوت فرشك للوكالة الفنانة". "كدنا نردم تحت الاوحال وكادت مدينتنا تصبح ركاما"، كلمات اطلقتها نجوى ابنة قربص وعضو مجلسها البلدي، وهي تتحدث عن وقع الامطار الطوفانية التي اجتاحت قربص في موفى سبتمبر الفارط. كلمات اختلط فيها الحزن بالخوف بالصمود والتحدي فتضيف وهي تستجمع تفاؤلها " نحن نعمل على إعادة الامل الى مدينتنا فقمنا، بمساعدة عدد من مكونات المجتمع المدني، بتنظيم انشطة ثقافية ورياضية من أجل إعادة الروح إلى مدينتنا التي هي اليوم أكثر إشراقا، ونحن ننتظر في شغف تركيز حضيرة مشروع الطريق ليفتح لنا أبواب الامل على مصراعيها". |